20/06/2021 - 08:50

حوار | حبوبُ الهلوسة خطرٌ يتهدد الشباب

يُعدّ انتشار المخدرات والسموم بين التحديات التي تلقي بظلالها السلبية على المجتمع العربي في البلاد، لاستهدافها شرائح المجتمع المختلفة، وخصوصا الشبان والمراهقين، إذ تغزو حبوبُ الهلوسة وسط تحذيرات مختصين من انتشار عشرات الأصناف الجديدة.

حوار | حبوبُ الهلوسة خطرٌ يتهدد الشباب

(Pixabay)

يُعدّ انتشار المخدرات بين التحديات التي تلقي بظلالها السلبية على المجتمع، لاستهدافها شرائح المجتمع المختلفة، وخصوصا الشبان والمراهقين.

"عرب 48" التقى المحاضر والمختص في علم الإجرام، د. وليد حداد، الذي شدد على "أهمية مكافحة آفة السموم ليس فقط في الجانب الأمني والعلاجي، بل أصبح من المهم أيضا التركيز على الجانب التوعوي، باعتباره يمثل الوقاية المبكرة من الوقوع في براثن هذه الآفة المدمرة".

"عرب 48": كيف تفسر حالة الهلع السائدة بسبب انتشار سموم الهلوسة؟

د. حداد: العديد من التغيرات طرأت على عالم المخدرات خلال العقود الأخيرة، فما كان في السابق هو انتشار أكبر للمخدرات النباتية كالحشيش والمريخوانا والقنب والجميع يدرك أبعاد استخدام هذا النوع من المخدرات، لكن خلال العقد الأخير اجتاحت المخدرات الكيماوية عالمنا من أنواع الإكستازي، والتريبيم ومسميات أخرى، التي تم تصنيعها في المختبرات، وأحيانا لا نعرف على ماذا تحتوي، وباستخدام المخدرات الكيماوية على مجتمعنا بدأنا نرى ظواهر نفسية تطرأ على مستخدميها من الهلوسة وظواهر أخرى فقط لاستخدام نوع من أنواع هذه السموم لأول مرة، وغالبا ما يتطور الأمر إلى التسبب بمرض نفسي عند مستخدم هذه السموم، بيد أنه سابقا كانت تظهر الأعراض على مستخدمي المخدرات النباتية بعد سنة أو سنتين من بدء الاستخدام، وللأسف فإن تجار السموم تسببوا باجتياح هذه الأنواع من السموم لمجتمعنا لأنها مربحة بالنسبة لهم وتصنيعها غير مكلف، ويبحثون عن ضحايا ليسوقوا لهم هذه السموم.

وليد حداد

"عرب 48": ماذا عن حبوب تخفيف الوزن والمنشطة للشباب وحبوب لتسهيل الدراسة؟

د. حداد: فتح عالم المخدرات عدة أبواب لاختراق المجتمع بشرائحه المختلفة، فنرى تسويق لحبوب تخفيف الوزن، حبوب منشطة تستخدم في الأندية الرياضية، حبوب يتم تسويقها للطلاب على أنها تساعد على التركيز للدراسة، جميعها حبوب تحتوي على مادة منشطة، إذ تبقي الجسم نشيطا، ولكن يتعرض متناولوها مع مرور الوقت إلى مشاكل نفسية قد تسبب أمراضا نفسية مستعصية مثل: الوسواس القهري، انهيار عصبي، الشك، انفصام الشخصية والتسبب بحالات عنف غير مبررة. هذه الحبوب تم تحضيرها في مختبرات وليس في صيدليات أو مراكز طبية.

"عرب 48": كيف تفسر العلاقة بين انتشار السموم وانحدار مجتمعنا في عالم الجريمة؟

د. حداد: توجد علاقة وطيدة بين انتشار السموم وبين عالم الإجرام، فالتعامل مع السموم يعتبر بمثابة مدخل أساسي للدخول إلى عالم الإجرام والعنف، فالكثير من حالات الاغتيالات والتصفيات وقعت بسبب المخدرات، ذلك أن العنف والجريمة والمخدرات في إطار العائلة الواحدة، إذ يتسبب متعاطي السموم بالأضرار لعائلته ولبيئته التي تحيطه، وقد يصل الأمر أن يؤذي أطفاله أو المقربين منه لمجرد حاجته لتوفير وجبة سموم. وعندما يفقد السيطرة على نفسه يبدأ العمل في صفوف عصابات الإجرام والمخدرات.

"عرب 48": كيف يمكن حماية مجتمعنا بجميع شرائحه من الانحدار في عالم المخدرات؟

د. حداد: تفعيل السلطة الوالدية ومراقبة الأبناء، نحن كمجتمع شرقي بنينا لأنفسنا أسسا تربوية تم تبنيها من نظريات يتم تدريسها في علم الاجتماع وعلم النفس والتربية، نظريات تعتمد على مفاهيم الاستقلالية والفردية، وهذا نقيض لنمط حياتنا وثقافتنا كمجتمع شرقي يعيش بشكل جماعي، فترى الابن قد يصبح طبيبا ويصل إلى جيل 30 عاما وأعزب ويعيش مع والديه، لهذا تبني نظريات تربوية غير ملائمة لنمط حياتنا هي عنصر مهم في انحدار مجتمعنا في آفات اجتماعية عديدة. لهذا على الوالدين عدم الخوف من تفعيل السلطة الوالدية، التي هي أمر إيجابي ويحمي أولادنا من خلال وضع الحدود، لكن للأسف نحن تنازلنا عن السلطة الوالدية.

"عرب 48": ما هي العبر التي يتم استخلاصها، نصائح وتوصيات؟

د. حداد: أولا، يجب وضع موضوع التثقيف لمحاربة السموم والمخدرات على الأجندة اليومية في المؤسسات الرسمية، في حين تم سابقا تحديد قسم خاص لمكافحة السموم والمخدرات في السلطات المحلية، والتي كانت ترصد ميزانيات للتثقيف والتوعية في المدارس وفي المراكز التربوية المنهجية وغير المنهجية، لكن للأسف تم إغلاق هذه الأقسام. علينا جميعنا ضمن العمل الجماهيري أو المؤسساتي رصد ميزانيات لتوفير برامج توعوية تثقيفية للشبيبة وللأهالي كذلك عن الخطر المحدق في عالم السموم والمخدرات، خاصة وأن السموم باتت أمرا متاحا في عدة أروقة أمام مختلف شرائح المجتمع: شبابنا في النوادي الرياضية، الصبايا في مراكز بيع حبوب للتنحيف، طلابنا في المرحلة الثانوية الذين يخرجون إلى الجامعات ومنهم من يدرس خارج البلاد، وللأسف الترويج للسموم بين الشباب يكون على أنه للمتعة والتسلية ولا يدرك المستخدم بأنه يعرض نفسه للهلاك، وللأسف توجد مواد مضللة في شبكة الإنترنيت حول السموم والمخدرات ومعلومات غير صحيحة، والتي يعتمد عليها الشباب، وهنا يدخل دور المؤسسات الإعلامية المهنية بالعمل كذلك على بث برامج توعوية لمكافحة السموم والمخدرات. وقد أثبتت الأبحاث العالمية، شاركت في عدد منها، بأن احتمال رفض السموم أو المخدرات لدى الاشخاص الذين مروا ببرامج توعية أو تثقيف بموضوع السموم عالية، ويمكننا أن نحمي ما نسبته 90% من خلال التوعية.

التعليقات